jeudi 31 janvier 2013

عُدنا والعود أحمد، بعد سنين رجعنا لها الصفحة الجميلة الي رافقتني سنة 2010 قبل ما يلعبلها عمار 404

dimanche 21 février 2010

إلى من يهمّه الأمر : الرّسالة الثالثة


إلى من يهمّه الأمر : الرّسالة الثالثة

يندرج هذا النّص ضمن مجموعة من النّصوص تطالعونها في الأيام المقبلة لتنقل لكم تفاصيل مثيرة، عايشتها أو علمتها من مصادر موثوق بها، تتعلّق بالشّـابة وبعض ممارسات مسئوليها.

تروي هذه القصّة وهي من الواقع، مغامرة الحصول على بطاقة ناخب من بلديّة الشّـابة، أرجوا عدم الملل من تعداد التّجاوزات.

شكرا

لعلّ أهم ما عايشناه في الأيّـام الماضية هي الانتخابات الرّئاسيّة والتّشريعيّة، وتتالت النّصوص والتّقارير حول التّجاوزات والاخلالات الّتي شابتها ولكيّ بقيت معطيات عديدة من المسكوت عنها.

في مدينة الشّـابة، تحدّث جمع غفير من المناضلين وحتّى المواطنين الغير المهتمّين بالشّأن العام عن الصّعوبات الّتي واجهتهم من أجل الحصول على بطاقة ناخب، وسأروي في هذا النّص ما حصل معي من أحداث غريبة أرجو من القارئ أن يحدّد مدى قانونيّتها ومصداقيّة الأشخاص الّذين لعبوا فيها دور البطولة.

كنت متيقّنا منذ فتح باب التّسجيل في القائمات الانتخابيّة أنّي سأجد صعوبة في ذلك، فوفّرت على نفسي عناء التّفاوض وأرق الاستماع إلى تبريرات موظّفي بلديّتنا من عبارات: "أرجع غدوة... والمسؤول موش موجود... وأرجع في العشيّة" وغيرها من العبارات ووجّهت رسالة مفتوحة مضمونة الوصول إلى رئيس البلديّة "مصطفى كمال الشابي" أطالبه فيها تسجيلي في قائمة المنتخبين.

توجّهت بعد توجيهي لتلك الرسالة بأشهر إلى مقر البلديّة فوجدت فوضى من الوثائق معلّقة في إحدى ممرّاته، بحثت جاهدا عن اسمي ولكن لم أجد له وجود، وارتأيت حسن النيّة في موظّفي بلديّتنا وعذرت لهم ذلك على أمل أن أجد اسمي مسجّلا بعد بضع أيّـام.

مرّة بضع أشهر، فتردّدت على مقر البلديّة مرارا، ولكن لم أجد خلال زياراتي قائمات معلّقة ولم أجد شخصا قادرا على إجابتي عن مكان القائمات ووجدت باب مكتب الانتخابات مقفلا في وجهي وفي وجه كلّ مستفسر عن بطاقته أو عمليّة تسجيل اسمه.

بعد بضع أيّـام أعدت الكرّة ووجدت هذه المرّة موظّفة في مكتب الانتخابات، طلبت منها بطاقتي فبحثت طويلا لكن دون جدوى، تعلّلت أنّي تحصّلت على بطاقتي منذ مدّة ولكنّي أنكرت ذلك، ثمّ نظرت لي فجأة وقالت صارخة: "أنت نزار بن حسن الّي تستعمل في الفايسبوك وقلت الّي مكتب الانتخابات مغلق؟"

أجبتها بنعم، وكان حوار طويل، أضحكني لما وجدته من مستوى رفيع في تمكّن الموظّفة من أبجديّـات عملها، لقد أخبرتني أنّ بلديّة الشّـابة خصّصت مكتبين للانتخابات، كما أخبرتني أنّ مكتبها لم تغلقه يوم رغم وجود دليل إدانة يمكن للقارئ الاطّلاع عليه والتثبّت.

استظهرت بعدها الموظّفة بملف كبير وكانت المفاجئة الأولى، تمّ تسجيل كلّ أفراد عائلتي بمكتب اقتراع قرب منزلي العائلي "دكّــان فرج العجرود" بينما تمّ تسجيلي في قائمة مكتب اقتراع "المستشفى المحليّ" وهو الّذي يبعد كثيرا عن منزلي، وتأكّدت فيما بعد أنّ أغلب النّـاشطين السّياسيّين المقلقين بمفهوم سلطنا المحليّة تمّ جمعهم في مكتب اقتراع واحد عدد المقترعين فيه قليل جدّا بالمقارنة بالمكاتب الأخرى.

وما خفي كان أعظم، استظهرت الموظّفة بملف ثان وجدت فيه إمضاء أمام اسمي وأكّدت الموظّفة أنّي استلمت بطاقتي وأنّي قمت بالإمضاء على ذلك، كان إمضاءا مدلّسا.

لم يكن ذلك غريبا، فكثيرا ما سمعت عن ممارسات شبيهة ولكنّي اتّصلت بكلّ من شابهني بالاسم في المدينة وكنت أعرفهم جميعا فمدينتنا ليس بكبيرة وأكّدوا لي أنّهم لم يتحصّلوا على أيّ بطاقة ولم يقوموا بامضاء أيّ وثيقة.

وقمت باعلام الموظّفة أنّي سأراسل كلاّ من معتمد المدينة ووالي المهديّة ووزير الدّاخليّة لفضح هذه الممارسات، رجعت إلى المنزل وماهي إلاّ بضع ساعات حتّى اتّصل بي شخص أكّد أنّه متعاون مع البلديّة في توزيع البطاقات، اعتذر وأخبرني أنّه أخطأ بتسليم بطاقتي لشخص آخر لم يعلمني من هو ولم يحمل المستخدم بين تقاسيم وجهه علامات يمكنها إقناعي بصحّة ما يدّعي.

تسلّمت بطاقتي واعتقدت أنّ حصولي على البطاقة هو آخر فصول هذه المعضلة ورغم ترسيمي في مكتب بعيد رضيت بذلك، ولكن اتّصل المستخدم الّذي مكّنني من البطاقة عديد المرّات بمنزلي وكنت غائبا عن المدينة وقتها وأخبر عائلتي أنّ عليّ امضاء وثيقة تثبت حصولي على بطاقة ناخب أو سيتعرّض إلى الطّرد كما أكّد أنّه تعرّض إلى اللّوم وممارسات أخرى بسبب عدم تحصّله على اثبات يدلّ على حصولي على البطاقة.

بعد يومين، رجعت الى المدينة واتّصلت بالمسكين فجلب لي ورقة يتيمة كتب عليها بقلم أزرق "أنّ الممضي أسفله فلان بن فلان قد تسلّم بطاقة النّـاخب خاصّتة من قبل العون فلان الفولاني" دون ذكر تاريخ أو وجود ختم أو أيّ دلالة على قانونيّة الوثيقة، كتبت فيها عددا من الملاحظات وضمّنتها ما حصل معي في البلديّة وكلّ التّواريخ وسلّمتها إلى ذات العون في مقهى الرّياضيّين وسط مدينة الشّـابة وهكذا انتهى فصل من فصول الانتهاكات في مدينتي الفاضلة، إلى رسالة قادمة أترككم تجمعون التّجاوزات وتعدّدونها خلال مطالعتكم لهذه السّطور وما خفي بينها.

نزار بن حسن

(شريط يصوّر مكتب الانتخابات مغلق في وجه المواطنين:

http://www.facebook.com/profile.php?v=app_2392950137&ref=profile&id=100000362702627#!/video/video.php?v=1197869437737)

ولمن أراد الحصول على دليل عن الوقائع الّتي حصلت في مكتب الانتخابات ببلديّة الشّـابة الاتّصال بي وسأمكّنه من ذلك.

samedi 20 février 2010


إلى من يهمّه الأمر : الرّسالة الثانية

إحدى ممارسات مسئول رفيع في مدينة الشّـابة، عادت بي الذّاكرة حين كنت تلميذا، سنة 2004، لأنقل لكم هذه القصّة من الواقع، بساطة القصّة لا تخفي خطورة الممارسة.

يندرج هذا النّص ضمن مجموعة من النّصوص تطالعونها في الأيام المقبلة لتنقل لكم تفاصيل مثيرة، عايشتها أو علمتها من مصادر موثوق بها، تتعلّق بالشّـابة وبعض ممارسات مسئوليها.

شكرا

موضوع هذا النّص يتحدّث عن المصداقيّة، قصّة قصيرة من الواقع، عادة ما عوّدنا معلّمونا عندما تتلمذنا في المدرسة أنّ لكلّ قصّة عبرة وعبرة اليوم تتحدّث عن أنّ فاقد المصداقيّة لا يمكن له بأيّ حال من الأحوال أن يكتسبها في يوم ما إلاّ إذا تاب توبة نصوحة، ومفهوم التّوبة واكتساب السّلطة لا يمكن أن يلتقيا أبدا.

العبرة الثّـانية، هي أنّ علاقة المربّي والتّلميذ هي علاقة أبويّة تجمع بين شخصين على أسس اجتماعيّة راقية تقوم على مظاهر الأبوّة والاحترام والتّسامح ولا يمكن أن تكون بكيل الفعل بالفعل، وردّ فعل التّلميذ البسيط بفعل إداري متنفّذ.

كلّ هذه العبر تحوم حولها أطوار قصّتنا، طرحنا الإشكاليات ومن ثمّ تحدّثنا عن الأطوار وكأنّنا نحلّل إحدى نظريّـات فلسفة العصر الحديث.

ترجع أطوار قصّتنا إلى سنة 2004 عندما كنت تلميذا بالمعهد الثانوي أبو القاسم الشابي بالشابة، كنّـا وقتها نشكّل الحركة التّلمذيّة بالمدينة، ننشط نقابيّـا رغم محدوديّة خبراتنا، ونتحرّك ونتظاهر استنكارا لكلّ عدوان تمرّره لنا وسائل الإعلام المهتمّة بالشّأن العربي عموما والوطنيّ خصوصا.

لا أذكر التّـاريخ تحديدا ولكنّي أذكر أنّنا كنّـا نتظاهر في ساحة المعهد وحاولنا مرارا الخروج من الباب الرّئيسيّ لننقل تحرّكنا إلى الشارع ومنه الى بقيّة المدارس الإعدادية المحيطة بنا، ولكنّنا نواجه في كلّ مرّة غطرسة مدير المعهد الّذي كان يتفانى في التّهديد والوعيد بل أنّه كان يستعمل العنف أحيانا.

كدنا نصاب بالإحباط ولكنّنا تداركنا أمورنا فاجتمعنا وتشاورنا حول سبل تنفيل هذا المعرقل، هذا المدير الّذي كان يردّد قولة :"القضيّة الفلسطينيّة جعلت لإلهاء الشّعوب عن دورها الحقيقي.."، تتالت الاقتراحات وتعدّدت الحلول وأجمعنا وقتها اعتماد سلاح "البيض"، كان الحل مضحكا آنذاك ولكنّنا أجمعنا على تنفيذه.

اقتنينا "البيض" ورجعنا لإشعال فتيل التحرّكات داخل المعهد، تشكّلت شبه مسيرة تضمّنت بضع عشرات من التّلاميذ، ابتعد القيّمون والإداريون، اتّجهنا بتحرّكنا نحو باب الإدارة وماهي إلاّ لحظات حتّى أقبل علينا المدير مهرولا، كان الزّمان والمكان مناسبان، همسنا لبعضنا البعض، تمّ رمي البيضة الأولى وأصابت الهدف مباشرة : وجه المدير، حدّق مطوّلا في ابتسامة التّلاميذ الّذين تلذّذوا ذلك النّصر العظيم ورجع أدراجه إلى الإدارة، وعلمنا أنّ الأمور لن تسير أبدا كما يرام، وسيكون انتقام المدير شديدا وبئس المصير.

اشتغل جهاز المخبرين بالمعهد، وتمّ جلب صاحب الفعلة بعد يوم واحد، تمّ استجوابه وعرضه على مجلس تأديب.

كان الوضع طبيعيّـا إلى حدّ تلك اللّحظة، ولكن تغيّرت المعطيات وأصبحنا نسمع ونلمح أحداثا غريبة، في اليوم الموالي، تمّ استدعاء صديقين تمّ اتّهامهما بالتّخطيط لعمليّة الاعتداء على المدير، أحدهما لم يكن موجودا أصلا يوم الواقعة والثّـاني لا ناقة له ولا جمل بما خطّط له ونفّذ فيما بعد، هما "نعيم: تلميذ باكالوريا، وفرج: زميلي في نفس الفصل".

ما يجمع بين الشّخصين هو نشاطهما في جمعيّة النّهوض بالطّـالب الشابي، كان التّلميذين آنذاك لا يتخلّفان عن أيّ نشاط بمقر جمعيّتنا المستقلّة، ولا يخفى عن متابعي هذه النّصوص عداء مدير المؤسّسة التّعليميّّة وهو في نفس الوقت رئيس البلديّة لجمعيّة النّهوض وأهلها وذويها لسبب وحيد : استقلاليّتها.

جلب التّلميذان كلّ الأدلّة الّتي تثبت براءتهما من التّهم المنسوبة لهما ولكن تمسّك المدير بمجلس التأديب، وحدّد يوم لذلك.

تمّ تأخير موعد انعقاد المجلس إلى ما بعد التّوقيت الإداري، وحضره أشخاص لا يمتّون بصلة بمعهدنا وليسوا أبدا من رجال التّعليم، أيقنت وقتها أنّ هنالك أمر مستراب يدور داخل أسوار إدارة معهدنا لقد تمّ طرد التّلميذين لمدّة خمسة عشر يوما ظلما وبهتانا، مجلس تأديب لأغراض انتقاميّة على خلفيّة نشاط مستقل، وتهم لا علاقة لها بالواقع.

تساءلت عن الدّليل الّذي استظهر به مدير المؤسّسة لإدانة صديقاي فكانت الإجابة : شهادة أدلى بها تلميذ تؤكّد الإدانة.

لم أستطع استيعاب ما صار فاتّصلت بالتّلميذ صاحب الشّهادة وبعد إلحاح قبل محادثتي فكانت قصّته ألعوبة كبيرة لعب دور البطولة فيها مدير المؤسّسة بمعيّة قيّمها العام.

تمّ إدراج تهم كيديّة وخطيرة ضدّ هذا التّلميذ وتمّت مساومته بين الطّرد النّهائيّ من المعهد أو تقديم شهادة زور تدين التّلميذين المطرودين، قبل المسكين العرض، كان بسيطا مرتجفا خائفا، جلبوا له ملفّـات التّلميذين وعرضوا عليه الصّور وطلبوا منه كتابة تقرير في مكتب المدير بحضور شخص المدير مصطفى كمال الشابي والقيّم العام محمّد المكشّر.

لم يكن المسكين يعرف التّلميذين الّذين شهد ضدّهما شهادة زور ولم يكن يعرف الأسباب الّتي جعلت مدير المؤسّسة يرغمه على ذلك، ولكنّه تعلّم درسا في التّربية ما كان ليتعلّمه في مؤسّسة تربويّة أخرى.

هنا فهمت بيت القصيد، وتعلّمت أحد أهمّ الدّروس في حياتي، عندما تنعدم المصداقيّة، تصبح لمؤسّسات التّربية والتّكوين دور آخر غير التّربية والتّكوين.

نزار بن حسن

إلى من يهمّه الأمر : الرّسالة الأولى


إلى من يهمّه الأمر : الرّسالة الأولى

هذه تفاصيل القضيّة الّتي تمّ استدعائي كمتّهم فيها في محكمة الشّـابة يوم 23 فيفري المقبل، وهي الرّسالة الأولى من مجموعة من النّصوص تطالعونها في الأيام المقبلة لتنقل لكم تفاصيل مثيرة حول ممارسات السّلط الجهويّة والمحليّة بالشابة مع كشف لحقائق تنشر لأوّل مرّة ويتعلّق أغلبها ببلديّة الشابة ونشاط رئيسها مصطفى كمال الشّـابي وبعض موظّفيها ومستشاري مجلسها.

شكرا

تساءلنا كثيرا في جمعيّة النّهوض بالطّـالب الشابي عن الأسباب الّتي حاكت عمليّة حجب منحة البلديّة عن جمعيّتنا، تساءلنا في كلّ الاجتماعات وطرحنا التّساؤلات على قدماء جمعيّتنا وعلى مجلسنا البلدي في شكل مراسلات لمّـا رفض مقابلة أيّ من أعضاء الهيئة وتحجّج رئيس البلديّة: مصططفى كمال الشابي بأعذار عديدة ليتهرّب من الّمساءلة واللّقاء، أشهر عديدة مرّت بدون منحة أو إجابة مقنعة تحمل أسباب حجب المنحة، لماذا لا تتمتّع جمعيّتنا بالمنحة كغيرها من الجمعيّـات الموجودة في مدينة الشّـابة، ماهو وجه الاختلاف بين جمعيّتنا وجمعيّـات الطّرق الصّوفيّة الّتي تتلقّى المال الوفير من ميزانيّة البلديّة، هل أصبحت الاستقلاليّة تهمة نعاقب عليها بالتّضييق المالي، ألا يكفينا ترهيب زوّار مقرّ جمعيّتنا من قبل البوليس السّياسي منع تظاهراتنا ونشاطاتنا بقطع الطّرقات أمام محاضرينا ومنع تعليق إعلاناتنا في الأماكن العموميّة.

أخيرا قرّر أحبّـاء الجمعيّة ضرورة النّضال الميداني من أجل الذّود عن مطلب المنحة وكذلك الحق في الرّد من السّلطات المحليّة المهتمّة بالمسألة المتمثّلة في المجلس البلدي "المنتخب" أو المنصّب إن صحّت العبارة.

تمّ اعلامي وقتها بضرورة تفعيل اعتصام سلميّ أمام مقر البلديّة يحمل مطلبين، الأوّل هو حقّنا في لقاء رئيس البلديّة للمساءلة والتّفاوض في الوضع المالي للجمعيّة المستقلّة، والثاني هو حقّنا في المنحة الّتي منعت عن جمعيّتنا المستقلّة، وكان موعد الاعتصام صبيحة يوم السّبت 4 جويلية 2009.

تنقّلت يومها إلى البلديّة ووجدت ثلّة من أصدقاء الجمعيّة معتصمين أمام البلديّة، يتساءلون عن رئيس البلديّة الّذي قيل أنّه فرّ هاربا وسبب كثافة أعوان الأمن أمام باب البلديّة الّذي تمّ اغلاقه، وتواجد البوليس بالزّي النّظامي في بهو المؤسّسة بالدّاخل.

كلّها تساؤلات حملها جمع المعتصمين، رفض مستشارو البلديّة مقابلتنا، رفضوا دخولنا إلى البلديّة، ولكنّنا واصلنا الاعتصام.

حوالي السّـاعة الثانية عشر خرج أعوان الأمن بالزيّ النّظامي من البلديّة وقاموا بتفريقنا بالقوّة، اعتدوا على المربّي محمّد الكلابي الّذي كان من المعتصمين سلميّـا أمام البلديّة، تمّ الاعتداء بألفاظ بذيئة على الكثيرين وأغلبهم من رجال التّعليم، ولكن لم تكن ردّة فعل المعتصمين شديدة فقد اعتدنا ممارسات النّظام، كلما نظرت في وجه أحد الحاضرين أجابني مبتسما: "انّها تونس، انّها بلديّة الشّـابة، لا تستغرب شيئا....؟؟".

علّق الاعتصام، وسرنا كلّ في طريق، ألم يكن من الأجدى أن يلتقي رئيس البلديّة برئيس الجمعيّة ويعلمه بأسباب حجب المنحة دون تدخّل أعوان الأمن الّذين ساهموا بشدّة في تلويث أذان أبنائنا ومواطنينا في مدينة الشابة بالكلام البذيء وسبّ الجلالة.

حوالي السّـاعة الخامسة مساءا، اتّصل بي أحد أفراد العائلة وأعلمني أنّه قد تسلّم استدعاء موجّها لي من مركز الأمن الوطني بالشّـابة يقضي بضرورة التوجّه في أقرب وقت إلى مركز الأمن لأمر مهم، "استدعاء لأمر مهم مساء يوم سبت في تلك السّـاعة" انتابني شعور غريب، اتّصلت بالأصدقاء من السّـاحة الحقوقيّة والسّياسيّة ثمّ عزمت التوجّه إلى المركز، هناك حجزت بطاقة هويّتي ما ان سلّمتهم وثيقة الاستدعاء وطلب منّي حاجب المركز الانتظار قليلا، لم يطل انتظاري، فماهي إلاّ بضع دقائق حتّى رست سيّـارة شرطة من نوع "berlingo"، ركبتها وتمّ حجز هاتفي الجوّال، ومن حسن حضّي وقتها أنّي وجدت فرصة تمرير ارساليّة قصيرة تعلم بمكاني.

كنت راكبا في السيّـارة وكانت تتبعنا سيّـارة شرطة ثانية، اعتقدت لوهلة أنّي متّهم بالارهاب أو بتهم خطيرة لا أدري ماهي تحديدا، ولكنّي التزمت الصّمت، لم أتساءل حتّى عن الوجهة لأنّي كنت متيقّنا أنّنا في الطّريق نحو منطقة الأمن بالمهديّة.

لم ينفك الأعوان الّذين نقلوني إلى منطقة المهديّة حديثهم عن وخامة عاقبتي، وأنّ عقوبتي ستكون شديدة جدّا لعدم فهمي بعد لطبيعة النّظام، ذاك ما قالوه، ولكنّي لم أكترث كثيرا لعصا جلاّد.

نزلت من السيّـارة، وكان تخميني صحيحا، كنت ضيفا بمنطقة الأمن الوطني بالمهديّة، أدخلوني إلى احدى الغرف وبسرعة قاموا بجلب آلة كاتبة وانطلق استنطاقي بحضور أربعة أعوان، عونان لا أعرفهما من منطقة المهديّة ورئيس مركز الأمن بالشّـابة "نجيب" وعون الإرشاد "لزهر شعيب".

س: قمت اليوم بإحداث الهرج أمام بلديّة الشابة....

ج: كنت موجودا ولكنّي لم أحدث الهرج. ...

تتالت الأسئلة وتتالت معها إجاباتي، نعم لقد كنت أمام البلديّة في اعتصام سلميّ ممن أجل المطالبة بمنحة الجمعيّة ولكنّي لم أسب الجلالة ولم أحدث الهرج والتّشويش ولم أشتم رئيس البلديّة، كلّها تهم واهية وغريبة زادها غرابة إدراجي دون غيري في هذه القضيّة.

سألتهم عن صاحب الدّعوى فأجابوني بأنّه الحق العام فسألتهم: "هل يمكنني مكافحة الحق العام أو مطالبته بالقسم؟؟؟" فغيّروا موضوع الحديث وطلبوا منّي إمضاء المحضر ولكنّي رفضت، لم أجد يومها شيئا واحدا يمكنني استيعابه أو فهمه لكي أمضي على وثيقة.

بقيت هناك لساعات بينما يقوم عوني أمن بتفتيش هاتفي الجوّال، دوّنوا الارساليّـات وأصحابها وأرقام الهواتف، كنت أرى ذلك في أوراق على مكاتبهم ولكنّي التزمت الصّمت فلم أكن أدري مدى قانونيّة هذا الإجراء.

صبيحة يوم الأحد 5 جويلية، كنت قد قضّيت ساعات طويلة على كرسيّ في بهو منطقة الأمن، أعلمتهم بأنّي مغادر ولا أستطيع الصّبر أكثر كما أنّ عليّ إعلام عائلتي بمكاني لطمأنتهم، قاموا وقتها بشتمي وانتزع حزامي ومالي وعلبة السّجائر وحافظة أوراقي وحذائي ومكّنت من غطاء بالي وأدخلوني غرفة احتفاظ لا تكاد تتّسع لسبعة أشخاص ولكّنها حوت أكثر من خمسة عشر نفرا لكلّ تهمته الخاصّة، سألتهم وقتها عن طبيعة القضيّة فأجابني أحدهم أنّ مشكلتي شخصيّة مع رئيس بلديّة الشّـابة مصطفى كمال الشابي وأنّ الخلاف سياسي والعاقبة سيّئة.

مرّت السّـاعات ببطء ولكنّي تمتّعت ببعض الراحة بعض سهر ليلة كاملة على كرسيّ خشبيّ رديء، منتصف النّهار، تمّ نقلي من الإيقاف إلى الطّـابق الأوّل، وضعوني في مكتب حيث تمّ إعلامي أنّ شخصا مهمّـا سيقابلني.

كان لقائي الأوّل برئيس منطقة الأمن بالمهديّة، لقاء ذو شجون تمحور حول الحزب الدّيمقراطي التقدّمي والعلاقة بالإسلاميين ونشاطي صلب جمعيّة النّهوض بالطالب الشابي وعلاقتي ببلديّة الشابة ورئيسها ونشاطي على الفايسبوك والصّور الّتي أنشرها وغيرها من المواضيع.

كان ملخّص الحّديث هو إيقاف الحملة الإعلامية الّتي انطلقت منذ علم مناضلو الحزب الدّيمقراطي خبر الاحتفاظ بي وبالتالي إخلاء سبيلي وحفظ القضيّة نهائيّـا وكان ذلك، فتمّ اخراجي من الباب الخلفيّ لمنطقة الأمن وركبت سيّـارة "peugeot106"خضراء اللّون كانت على ملك أحد أعوان الأمن ونقلوني إلى محطّة سيّـارات الأجرة وسلّموني هاتفي الجوال وبطاقة الهويّة.

وبعد أكثر من نصف سنة تلقّيت استدعاء من محكمة ناحية الشّـابة لأقف أمام عدالتها بتهم إحداث الهرج والتّشويش والقذف العلني والاعتداء على الأخلاق الحميدة.

نزار بن حسن

mercredi 9 décembre 2009

الشّـابة : بين موضوع حديث ورسالة تقزّز.

موضوع حديثي ينقسم إلى محورين، يهمّـان كلّ مواطن وكلّ محب لمدينة الشّـابة، الأوّل يتحدّث عن معضلة الأمن بمدينة الشّـابة والثّـاني رسالة إلى بعض الأغبياء:

أوّلا : الوضع الأمني بالـشــّـــابة، على البعض ّأن يستحي؟

لا يمكن المرور عبر مدينة الشّـابة دون التعرّض إلى الوضع الأمني بها، فتشهد المدينة ارتفاعا في نسبة الجريمة، أبطالها من شباب المدينة والوافدين عليها على حدّ سواء، وأسبابها مسؤوليّة وجب على السّلطات المحليّة أن تعترف بها.

و أسباب ارتفاع نسبة الجريمة في الشّـابة، وخاصّة السّرقات و ما شاهدته أيّـام عيد الاضحى من ركض وجري وراء حماية والحفاظ على علّوش العيد، كثيرة، لعلّ أبرزها ما يمكن أن نصنّفه إلى خطّين.

الخط الأوّل، وهو البسيط والغير متجلّى في المدينة وهو الوضع الاجتماعي، فتردّي المقدرة الشّرائيّة والبطالة ومحدوديّة الثّقافة من أهم العوامل الدّافعة نحو الجريمة، ومدينة الشّـابة من المتضرّرة من هذه المظاهر الاجتماعيّة مثلها مثل كلّ مدن الجمهوريّة التّونسيّة ولكن بنسبة أقل، ولا يرجع ذلك طبعا لعناية رشيدة رسّخها أحد المسؤولين بل لطبيعة أهل المدينة وتعوّدهم على النّضال والذّود عن كرامة العيش وبعض الإرث الفلاحي و"يرحم من خلّى"

الخطّ الثاني المتسبّب في ارتفاع الجريمة بأنواعها هو الهيكل الأمني السّـاهر على "أمن" المدينة، فمحدوديّة الطّـاقم البشري القائم على أمن المدينة بمعدّل3 أعوان لحماية سكّـان المدينة ليلا عدد قليل للغاية خاصّة ما توفّر سيّـارة شرطة يتيمة، ومركز أمن يغلق ليلا كأيّ إدارة أخرى. كثير هم من اتصلوا ليلا بمركز الأمن طالبين للنّجدة و لا مجيب وأنا أحدهم.

الهيكل الأمني في المدينة مبدع في اصطياد نوع آخر من المجرمين، إنّها الكلاب السّـائبة الّتي تتمّ مطاردتها ليلا في مشهد هوليوديّ وتُرمى بالرّصاص وتبقى مرميّة إلى الصّباح حيث يقوم أعوان البلديّة بجمعها بعد أن يرى ذلك المشهد عدد هائل من سكّـان المدينة.

كما أنّ ذلك الهيكل أيضا، مبدع في اختلاق أسباب الاستدعاء إلى مقرّهم ومبدع في كتابة محاضر البحث أمّـا في النّجدة والتحوّل على عين المكان والقيام بالدّور المرجوّ من قبل سكّـان المدينة ،، فالنــــّـــافع ربـــــــــّــــــي.

إنّ ارتفاع نسبة السّرقات و مستهلكي مادة القنب الهندي"الزّطلة" بالمدينة مثير للاهتمام لإيجاد حلول جذريّة لهذه المعضلات. كما إنّ العدد الهائل من الشّباب المنتحرين المستقلّين لقوارب الموت على سواحلنا و المتّجهين الى الجزر الإيطاليّة الجنوبيّة يعتبر ظاهرة اجتماعيّة وجبت معالجتها في أقرب الآجال.

أرجو أن نحظى في مدينتنا بطاقم يسهر بجديّة على أمن مواطنينا وإلاّ فليتركونا نعيش على الطّريقة المكسيكيّة في الذّود عن أنفسنا من اللّصوص وقطّـاع الطّرق.

ثانيا: أصابني الخثيان من عبارة

لقد أصابني الخثيان منذ أيّـام من احدى العبارات الّتي لطالما سمعتها و تكرّرت على مسامعي مرارا وتكرارا ولست أعرف من مروّجها.

بداية الحديث، لكي يكتمل فهم قارئي، قمت مع أحد أصدقائي بتوزيع عريضة على الأنترنيت تحمل بعض مطالب للسّلط المحليّة و الجهويّة وتطلب تحقيقا شاملا عن عمليّة تلويث البيئة والمحيط بمدينة الشّـابة، وقد أمضى هذه العريضة عدد كبير من مواطني الجهة وعدد من الصّحافيّين والشّخصيّـات الوطنيّة.

لقد دفعنا إلى هذه العريضة أمر وحيد، انتماؤنا إلى مدينة الشّـابة و إلى تونس وحقّنا الشّرعيّ في ابداء رأينا بعد أن فقدنا كلّ الثّقة في من "انتخبناهم" ليمثّلوا أصواتنا في مجالس أخذ القرار.

كذلك كان هدفنا الأهم، هو أن نظمن لأبنائنا، لأخواتنا و أبنائهم، لكلّ ملاك سيولد في مدينتنا من أن يعيش في بيئة نظيفة، وأن يسبح في مياه شواطئنا العذبة.

ما أصابني بالغثيان، وها انا أصل إلى لبّ الموضوع وإلى أساس الحديث أنّني أصبحت أسمع عبارة تشعرني بالاشمئزاز من مدى جهل وتخلّف قائلها ومروّجها وهي : "إنّ العريضة تعملنّـا مشاكل مع ناس واصلة"؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

من هم النّـاس الواصلة، هل هم فوق القانون، أليسوا بجنسيّـات تونسيّة، أ بطاقات تعريفهم الوطنيّة ليست كبطاقاتنا؟؟ هل من حقّهم التصرّف في ثروات البلاد كما يحلوا لهم من دون رادع، هل يضمن لهم نظام تونس الجمهوري أن يكونوا فوق الحساب؟؟؟؟

أرجوا من الأغبياء أن يلتزموا الصّمت ؟؟؟؟ فلا وقت لي لسماع نباح الكلاب، فأنا مواصل وطريقي منارة كلّها كرامة، ولا مجال عندي للقفّة والصّهبجيّة.

شكرا

مواطن من الشّـــــابة



lundi 7 décembre 2009

جريدة العرب القطريّة تتناول عريضة الشابة


المجلّة الالكترونيّة : العرب القطريّة
العدد 7845 - الجمعة 4 ديسمبر 2009 م - الموافق 17 ذو الحجة 1430 ه
تتناول موضوع تواجد القرش على سواحل المهديّة و خصوصا مدينة الشّـابة

jeudi 3 décembre 2009

الانتخابات التونسيّة: إن لم تستحي فافعل ما شئت



عاشت بلادنا في الأيّـام السّـابقة وقع الانتخابات التّشريعيّة والرّئاسيّة، و لكنّها ليست كالانتخابات، وليس لها أيّ علاقة بمقوّمات الممارسة الدّيمقراطيّة الحقيقيّة.
لقد عاش شعب تونس بجيليه الممارسة الدّيمقراطيّة واثقا عدم تصويرها لإرادته الحقيقيّة ولا رغباته الدّفينة، فلا انتخابات الثّمانينات في العهد البورڨيبي ولا انتخابات العهد النّوفمبري كانت ممارسة ديمقراطيّة حقيقيّة تكون فيه النّتائج مرايا لما وضع في الصّناديق إن لم تكن الأوراق الموضوعة في الصّناديق أصلا مرايا لرغبات الشّعب الحقيقيّة.
إنّ السّيرورة التّـاريخيّة للأحداث تؤكّد التدرّج نحو الأحسن، و حتّى إن ذهبنا مع نيتشه في قوله بأنّ الجديد هو قديم بالضّرورة و لكنّه بصورة أحسن و أفضل، فهذا يؤكّد ضرورة أن تكون صورة السّياسة التّونسيّة هو تمشّ نحو مزيد تكريس الدّيمقراطيّة الحقيقيّة و الانفتاح نحو مجتمع مدنيّ فاعل و قويّ و تعدّديّة لها هامش من الحريّة في الاتّصال بالنّـاس.
المثال التّونسيّ كان له تمشّ ثان، فريد من نوعه على الإطلاق، تجربة تونسيّة بامتياز تمرّ فيها السّيرورة التّـاريخيّة من السيئ إلى الأسوأ.
فالانتخابات التّونسّية على غاية من الغرابة، فيمكن للمطلّع البسيط على الشّأن السّياسي التّونسي أن يلاحظ التّمايز الكبير بين الوضع السّياسي في أكتوبر 2004 و الوضع الرّاهن في أكتوبر 2009، و حتّى وضع الانتخابات الّتي نعيشها هذه الأيّـام و جل الانتخابات الّتي عاشتها تونس على مدى التّـاريخ.
إنّ استعمال مفهوم انتخابات في تونس صار يشعرني بالأرق، خاصة في حوارات مع بعض الأصدقاء من خارج تونس و المهتمّين بالشّأن السّياسيّ فيها، فالانتخابات التّونسيّة يمكن أن نطلق عليها اسما آخر غير الانتخابات، كالبيعة أو التّنصيب أو التّأكيد على شخصيّة وليّ العهد، والمقصود هنا هو طبيعة النّظام.
تشهد هذه الانتخابات فراغا سيّـاسيّـا أصبح أشبه بالهوّة، فيخيّر المواطن التّونسي في فترة الحملة الانتخابيّة بين شخصيّـات و قيادات سياسيّة تنتمي إلى نفس المجموعة تقريبا، الحزب الحاكم المحتكر للوسائل الإعلام بأنواعها و المتحكّم بها مستغلاّ بذلك جميع آليّـات الحكومة الّتي كان من المفروض أن تتمتّع بالاستقلاليّة على الأقل خلال الخمسة عشر يوما الآنفة، ومجموعة من أحزاب الموالاة ليس لها من الخطاب ما يخرج عن التّمجيد و التّهليل بالوضع السّياسي التّونسي أو بالإخلال و المشاكل الّتي تعانيها تونس بصفة حقيقيّة.
شعار الحزب الحاكم يتمثّل في رفع التحدّيات، و الّتي لا يمكن تحديدها فالحكومة في أيّـام مضت لم تكن تتحدّث عن تحدّيات غير تشريك الشّباب وجعله الحل دون تحديد ماهيّة المشكل، و هو ما يؤكّد أنّ طبيعة النّظام أصلا الطّـارح لهذا الموضوع هو المشكل الأكبر لشباب و شعب تونس.
أحزاب الموالاة تقوم كذلك برفع مجموعة من الشّعارات ليس من بينها ما توصّف فيه الوضع السّياسي التّونسي بأمانة، فتجاهلت هذه الأحزاب ما عاشته تونس من أحداث منذ الانتخابات السّـابقة، و المتمثّلة أساسا في حركة 18 أكتوبر و مطالبها و أحداث الحوض المنجمي وأحداث سليمان وارتفاع نسب الفساد المالي خاصّة داخل العائلة المقرّبة للرّئيس بن علي.
حتّى إن البعض من أحزاب الموالاة قامت بترشيح الرّئيس بن على في هذه الانتخابات على غرار حركة الدّيمقراطيّين الاشتراكيّين و الحزب الاجتماعي التحرّري، وهنا تظهر معادلة غريبة، و هي لماذا تسمّى هذه الأحزاب معارضة؟؟؟
بقيّة الأحزاب، ما يمكن تصنيفها بالمعارضة الحقيقيّة خضعت لعديد المساومات، إمّـا عن طريق الضّغط في مستوى الدّعم المالي، أو المساومة على ماهو سياسي في علاقة بمواقع معيّنة على الهرم السّياسي للبلاد، أو منهج ثاني يقرّ باتّخاذ قرار الكرامة و الوطنيّة، والمتمثّل في رفض هذه المسرحيّة الانتخابيّة.
مجموعات سياسيّة و أحزاب اختارت طريق الكرامة، ألا و هو رفع غطاء الشّرعيّة على هذا النّظام الّتي يحاول تجديد العهد معها، إنّ مقاطعة هذه الانتخابات أو الانسحاب منها كان خير طريق نحو تحقيق المطلب الشّعبي الحقيقي وهو عدم تغييب الحقائق و تزوير الواقع، قرار يحسّ المواطن التّونسيّ نفسه أمام أطراف صادقة طالما شوّهها النّظام له من قبل.
و لكن، مع الأحزاب المشاركة والّتي تتوزّع الى ديكور سياسيّ و الى أحزاب ساومت حول أهداف سياسيّة معيّنة، و الأحزاب المقاطعة و المنسحبة، فإنّ السّلطة اختارت لنفسها معنى ثان للانتخابات مثلما ذكرناه ففي أوّل النّص ألا وهو البيعة و لا شيء غيرها.
فرئيس الجمهوريّة لا يخوض حملته الانتخابيّة بنفسه بل تنوبه زوجته في ذلك، و هي أبرز مقوّمات النّظام الملكي إن أردنا أن نوصّف هذا المثال لاقترابه من الواقع في واقعنا السّياسي في تونس.
أخيرا، هنيئا لنا بهذه البيعة، و مبارك على هذا الشّعب الوفاء و الاستمراريّة لملكه القديم المتجدّد، ولترحل التعدّديّة و الانتخابات، فلم يعد لها فائدة في تونسنا اليوم.